مكناس :عبد الصمد تاج الدين
دعى المشاركون في فعاليات اليوم الدراسي الذي، نظمته هيئة المحامين أخيرا بمكناس، على ضرورة تجويد القوانين الإجرائية والعمل على تعزيزها للحد من الفراغ والضبابية الحاصلة في التعامل بالإجراءات الحالية اثناء المحاكمات وأمام بعض القضايا التي غالبا ما يجد القاضي صعوبة في التعامل معها ، واعتبرت هيئة المحامين على لسان نقيبها بمكناس في ذات اللقاء العلمي والقانوني الهام ،ان انخراط هيئة المحامين في الاوراش التشريعية الكبرى الخاصة بالعدالة والمفتوحة للنقاش،أمر تلقائي وطبيعي قصد المشاركة و العمل على تطوير الإجراءات التشريعية وتجويدها ولما لا القطع مع بعض الثوابت التاريخية والسيمات التي بقيت ملتصقة بهذا المجال منذ صدور القوانين الإجرائية في المغرب سنة 1929 ،الى ذلك بات ضروري يضيف نفس المتحدث ،انخراط الجميع كل من موقعه في نقاش هادئ للخروج بنتائج جيدة تجعل من صرح العدالة الوطنية مبعث اشعاع دائم .
وشكلت محاور هذ اليوم الدراسي التي كانت غنية بالمواضيع الهامة وذات الراهنية والصلة المباشرة بالموضوع المحوري وعلاقته القانونية على حد سواء، فرصة للوقوف على مجموعة من المعلومات التي ترمز الى الصعوبات والنقائص التي تعتري الخصائص الإجرائية ،من خلال الموضوعات والعروض ،التي أطرها أساتذة وخبراء وهيآت قضائية وباحثون ومهنيون في المجال من مستوى عال. وكانت فعاليات اليوم الدراسي المنظم بتعاون مع كلية الحقوق بمكناس والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، قد افتتحت أشغالها يوم الجمعة الأخير بفضاء قاعة الندوات التابع لهيئة المحامين بمكناس، بحضور ممثل السلطة القضائية وممثل وزيرالعدل،معية ممثلي رؤساء المحاكم ورئيس جمعية هيئة المحامين بالمغرب ، وعميد كلية العلوم القانونية بمكناس وثلة من الأساتذة الجامعيين والخبراء والقضاة من المسؤولين القضائيين على المستوى الوطني و المحلي .
. وتخلل هذه الندوة الهامة عدة عروض قيمة أزاحت ستارها الجلسة العلمية الأولى التي حملت كمحور رئيسي الاجراءات المسطرية المدنية وسيلة للوصول للحق أم تعقيدات أمام تحقيقه؟ ، وكان الأستاذ عبد المالك أحزريرأستاذ التعليم العالي بجامعة المولى إسماعيل بمكناس أول المتدخلين تطرق خلالها إلى "فلسفة القانون ما بين البراديفم و والنيوليبيرالي "،تلاه فيما بعد العرض القيم للأستاذ الدكتورالاكاديمي محمد العلمي مشيشي حول موضوع " القانون المغربي إرث فرنسي متخم بالشكليات والتعقيد "، وتلاه عرض ثالث للأستاذ حسن فتوح مستشار بديوان السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ،حول موضوع " الإجراءات في القوانين المدنية المغربية قواعد آمرة من صميم النظام العام تحول دون الوصول الى الفصل في جوهر الطلبات"، ثم تلاه عرض رابع للبرلماني السابق والعضو في مجلس هيئة الدار البيضاء الأستاذ عبد الكبير طبيح حول موضوع "مشروع قانون المسطرة المدنية امام سؤال الشرعية الدستورية وسؤال النجاعة الرقمية "، قبل ان يختم الجلسة الصباحية الدكتور عبد الرحمان الشرقاوي أستاذ باحث بجامعة محمد الخامس بالرباط بموضوع "تبسيط المساطر القضائية والولوج المستنير للعدالة في دولة الحق والقانون " .
وكان للحضور موعد ثاني مع جلسة علمية مسائية كان محورها الأساسي هو التعقيدات الإجرائية في المسطرة الجنائية ضمانة لحماية الحقوق وتمرين الحريات ،أم خطر داهم عليها ؟، تطرق خلال مداخلتها الاولى الدكتور محمد أحداف ،أستاذ بجامعة المولى إسماعيل بمكناس حول موضوع "تضخم تقنيات المسطرة الجنائية وسؤال الغاية من الإجراءات لداتها ؟أولتوفيرالحماية ؟ "، تلته مداخلة تانية للأستاذ محمد جناح مستشار بديوان الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية حيث بسط موضوع مساطرالاستشكال في التنفيذ الجزري ،تلاه في مداخلة ثالثة الأستاذ محمد الخمسي أستاذ باحث في علوم الاعلام والاتصال ،حول موضوع الذكاء الاصطناعي وتغيير الثوابت في عمل المحامي والقاضي، لتختتم العروض بمداخلة رابعة للدكتور سيدي محمد علوي الطاهري محام بهيئة مكناس حول موضوع :"البطلان في المادة الجنائية بين النص الدستوري والعمل القضائي "
وفي تصريح لوسائل الإعلام عقب نهاية أشغال اليوم الدراسي قال الأستاذ نقيب هيئة المحامين بمكناس عبد الرزاق شافي ، أن اختيار موضوع حيوي وهام من قبيل العدالة الاجرائة من خلال القوانين المغربية والعمل القضائي ،يصب في خانة التطرق إلى النواقص التشريعية التي تعتري هذا الشق من التنظيم القانوني لهذه الإجراءات ، مضيفا أن هده الندوة جاءت لتساهم في سلسلة الندوات والمشاورات القائمة لإصلاح منظومة العدالة ، كما تأتي كذلك في محاولة للانفتاح على مكونات القطاع وأطراف العلاقة المهنية قصد توضيح وتوحيد التوجه في افق تدعيم الثقة في القضاء ،وشكر السيد النقيب جميع من ساهم في تنظيم هده الندوة القيمة، منوها في ذات الوقت بدوراللجنة المنظمة وبالحضورالوازن للشخصيات التي تكبدت عناء السفر وحضرت إلى مكناس وأثثت أشغال اللقاء .
من جانبه اعتبر الأستاذ النقيب الحسين الزياني ،رئيس جمعية هيئة المحامين بالمغرب هذا اليوم الدراسي بمثابة المساهمة في اغناء النقاش القائم في الورش الإصلاحي لمنضومة القضاء وتقديم المقترحات موضحا ان القوانين الإجرائية هي العمود الفقري للتقاضي على اعتبارها ليست فقط الطريقة لتدبيرالمحاكمة ولكن أيضا تتضمن العديد من الضمانات وحقوق المواطن المتقاضي والتي نسعى من موقعنا كهيئة الدفاع لتقويتها وتعزيزها في اطار مقومات دولة الحق والقانون،مضيفا أن هذه الإجراءات يجب ان تمتثل للمقتضيات الدستورية وللمبادي والقيم الكبرى المتجلية في خطب ورسائل صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره والتي تروم كلها لبناء الاوراش الكبرى للوطن والتي يجب ان تواكبها صرح العدالة من خلال العمل الجاد .
و في هذا السياق ،اكد الاستاذ الزياني ان جمعية هيئة المحامين بالمغرب بقدر ما هي منفتحة على داتها فهي ايضا منفتحة على جميع التنظيمات بما فيها الشركاء من وزارة العدل وهيئة السلطة القضائية ،ونحن يقول الزياني على استعداد تام للانخراط في المناقشة والمساهمة في أوراش إصلاح القوانين سواء كانت موضوعية أو إجرائية من خلال العمل المسؤول والهادف الرامي الى تحسين صورة العدالة وصرحها بما يشرف وطننا على اعتبار ان عملية التشارك في النقاش العمومى لمشاريع القوانين على نطاق واسع ، تكون لا محالة قوانين ناجحة ولا نجد صعوبة في تطبيقها.
وما ميز هذا اليوم الدراسي هو الاحتفاء المخصص للدكتور محمد علمي مشيشي وذلك في اطار ترسيخ ثقافة الاعتراف نظير ما قدمته هده الشخصية الفدة من خدمات جليلة لبلاده في مجال العدالة وهو الذي تقلد مناصب عليا منها وزير العدل ومستشار مساعد وزير الدولة في الاعلام ,ومدير المعهد العالي للصحافة , وعضو بالمجلس الاستشاري لحقوق الانسان ، وعرفت هذه الفقرة الاحتفالية إعطاء نبذة من حياته عبر عرض شريط مصور يوثق لبورتريه و تقديم هدايا وشهادات تقديرية والاستماع الى كلمة له بالمناسبة.
